في عز ما تكون الدنيا واخدة الواحد... تنادينا تلاقينا في ثانية الكل في واحد,
التقيت بها في المكان المتفق عليه, عرفت فيما بعد انها تحب الأ ماكن المتميزة... وجدت التمثال يقف بشموخ في وسط الميدان و حوله بعض من الأسوار الحديدية المقلوبة تنم عن عدم اهتمام بوجوده و كأنه غير مرئي... حدثتها عبر الهاتف... أين انتي.؟... ووجدتها اتية من بعيد.... تفتح لي ذراعيها ...تعودت ألا أنظر أبدا لها و هي تفتح لي كيانها.... أمس فقط,,,, بعثت لي من روحها فتاه كالحلم لتفتح لي ذراعيها و تساعدني لاكتشاف كيانك يا مصر.... بداية رحلتنا كانت الموصلات.... كنت أحدث نفسي: ياااااااه من زمان أوي ماركبتش مواصلات..... و ظللنا نتحدث ثم فجأة وجدتها تقول: مية أربعة و خمسين , اجري.... و ركضت و أنا أتزاحم مع الراكضين و أضحك من هذا الشعور الذي سابقا كنت أمقت كل لحظاته من ثانية ركوبي حتي نزولي من وسيلة الموصلات... حدثتني كيف ان بمقدورنا نحن الميسوري الحال أن نركب أفضل الموصلات و لكنها تحب التحامها بهؤلاء البشر و النظر في وجوهم و استشفاف أفكارهم و حيواتهم...... حتي نزلنا في المكان المراد.... لننتظر وسيلة مواصلات أخري لكن هذه المرة طلبت مني " أتشعبط" و أنا أضحك و قد سايرتها بس الحمد لله "ماتشعبطتش" و كملنا كلامنا حتي هبطنا مرة أخري في المكان المراد.... وجدتني أشهق.... هي مرتي الثالثة منذ كنت في ابتدائي اتي الي هنا.... لطالما تمنيت الذهاب و لكن هذا الجزء من العاصمة لا أفقه فيه شئ و لا بي من الجراة ما يكفي للذهاب بجهلي هناك..... وجدتها بدأت تتحدث عن تاريخ المنطقة و باستفاضة و أسلوب مشوق,,,, و مرور العصور المختلفة,,,,, عرفت انها تحب فن العمارة ... هو شئ من أشياء كثيرة تحبها ....حينما تلمسها تتعجب كيف كل هذا الثقل الفكري وراء هذا المظهر الخفيف من الروح و الظل.... تشبهينها انتي يا مصري... كل هذا التاريخ الثري بمختلف العصور و الأحداث الغنية بالتاريخ القيم يتنكر وراء عشوائية خفيفة الظل تبتسم لنا دائما..... أجدها تقول: أنا محظوظة اني اتولدت في مصر...... و أقول لكي يا مصر: انتي المحظوظة ببعض أبنائك الذين مازالوا يعشقونك رغم زحف الطين من الأرض ليتسلق و يظل معلق في الهواء حتي أعمي أبصارنا عما نكون...... ظلت تتحدث في التاريخ و العمارة و أنا أسمع لها و أقول: كمان يا ماما لم أشبع بعد.... أعشق أبي و أمي,,,لم يتوانوا لحظة في رعايتنا و توجيهنا التوجيه الصحيح, أعتب عليهم لوضع أرقي الأطباق و أشهاها أمامي و وضع طبق شعبي بعيد المنال عني و خوف منهم علي لأن الطريق ليس بالهين للوصول لطبقك الشعبي هذا و ملئ بتجارب غريبة و مثيرة لا يدرون كيف تكون نهايتها....... أول مرة أحس ان الكشري جميل أوي كدة.... فعلا كانت أول مرة اكل كشري خارج المنزل و في أطباق حديدية... ظللنا نتحدث و نتحدث و لم يمضي علينا سوي ساعتين و نص شعرت اني أفهمها بأعماقها...لست فيلسوفة و لا أعرف كيف تخرج الفلسفة في شكل كلمات رائعة....لكني أفهمها دون كلام.....خشينا أن يأخذنا الحديث عن استكمال الرحلة..... ...الأزهر الشريف....دخلنا و تمشينا في الباحة و هي تشرح لي الفن الاسلامي حتي أذن المؤذن... لست ممن يحبون ادخال المشاعر في تفاصيل الحياة و أتعجب ممن يتحدثوا عن شعور وهمي يشعروه يملئهم....ربما أنا عملية جدا و أميل للتفكير المادي... ربما هي من المرات القلائل التي شعرت فيها شعور عجيب يملؤني و أنا أسمع الاذان في هذا المكان.... لقد تعودنا سماع الاذان حتي خانتنا اذاننا و تركتنا بدون أن نستطيع الاستمتاع به... هو شعور لا يوصف لكنه محظوظ من يملؤه هذا الشعور .... لم أخش من سقوط دموعي أمام أحد فهي لك وحدك يا من أعلم بحالنا و أنفسنا و خبايها و دهاليزها الني لا تنتهي يا ربي.....نعم أعلم بداخلي طاقة نور جبارة لكنها تخرج ببطئ شديد يجعلني أفقد صبري علي نفسي أحيانا... أقام الصلاه.... انهمر المطر في وقت انهمار دموعي ..وثقت أنها رسالة منك ليكون أول يوم أري به هذا المكان مصحوب بالخير و الراحة و الأمان مهما امتلأت دنيانا بالمصائب و الحزن و الهم و خيبة الأمل و الحسرة و التخبط..... جلسنا هناك سويا نتحدث بعدما ابتلت أقدامنا من الوقوف في الباحة وقت انهمار المطر,,, و ظللنا نتحدث حديث كأننا أعز الأصدقاء...خيم الظلام و خشينا ألا نلحق ماكنا قد أتينا من أجله.... في وقت الليل و الشوارع تلمع بعدما توقفت الأمطار.... هذا هو الحسين.... تجد انك تقف كأن الشارع يتسع من كل النواحي بلا توقف....و قد أصبحت المنطقة كلها هذا المشهد البسيط في رواده المهيب في معماره المؤثر في نفسي الانسانية المسلمة المصرية.... خان الخليلي مثل بيت جحا ملئ بالسلع التي تبهر السياح ...مثل البيت اللعبة... و تقف صديقتي الجديدة لتتأمل أشغال النحاس و هي منبهرة بالأبريق ,,,, نتمشي قليلا و نلتقط صور للتذكار بهذه اللحظات القيمة التي سأحفظها الي جانب كل الأحداث المؤثرة في شخصي مدي حياتي...لكنها لن تحفظ فقط في الذاكرة و لكن في القلب أيضا .... ختمنا قربنا من بعض و قربنا معا لله و للوطنية المصرية بكوبين قرفة بالجنزبيل و قد خيم الصمت قليلا... كنت أفكر اني أحببتك جدا و لم ألبث أن عرفتك من خمس ساعات و أحببت حبك للقاهرة و وصفك انها تعيش داخلك.... عالمنا نصنعه لأنفسنا و نعيشه بأجمل لحظاته و أسوء أوقاته و نرضي به.... ما ينفعش مارضاش,,,, ما ينفعش أحس بالذل و الدونية و أنا صاحبة تاريخ و أصالة و فكر و دين .......حزنت لانتهاء يوم طيب.... جميلة انتي و عميقة يا سيدة المرتفعات الشاهقة عتيقة انتي و جلية يا من نحتار في أمرك و نعود لكي دائما يا أم الأوطان. |
انا زعلانه منك