ليل شديدالبرودة… لم تسمع منبه الهاتف الشخصي للاستيقاظ فجرا أو ربما سمعته و لم تستطع الخروج من بين طيات الأغطية الثقيلة الدافئة,,, تستيقظ صباحا علي رنة الهاتف و تغلقه ولكن الهاتف يرن مرة و أخري حتي قامت رغما عنها,,, تتجه الي المطبخ و تجد أمها مازالت في المنزل و تصنع افطار رائحته اللذيدة تغزو أغشية أنفها,, تقرر انها لن تذهب للعمل و لكن رغم البرد مضطرة للنزول لتسلم أول راتب في حياتها,,, تتردد ما يستحق النزول و تقرر الذهاب,,, تغير ملابسها ثلاث مرات و تغادر المنزل,,, باب المبني مقفل و الهواء من شدته يعيقها عن فتحه ,, فتحته أخيرا… تبحث عن السيارة و السائق,,, وجدته يستقبلها بابتسامة باردة ,,الجو حقا قارس البرودة… تعود الي منزلها و ترتدي بالطو جلد بعد أن نفضت عنه التراب و تنشقت رائحة الزمن منه ما أقسي هذا البرد الذي لايخجل الهجوم حتي يصل الي عظامها… لقد كرهت دائما تلك الأيام القليلة - من شهور الشتاء القليلة- التي تتسم بالبرد القارس و تسميه برد قاتل , وصلت ورأت وجوه مألوفة و صافحتم كيف حالكم,, الدنيا كما هي,, لن يرضوا أبدا عن حالهم, انهم يتزاحمون لتسلم الراتب,, يالهي أموعودة دائما بالزحام؟ الزحام الزحام الزحام … أخيرا وصلت للشباك,,, تجد شخص طويل ورائها يمد يده و يعطي الموظفة البطاقة و يغازلها و هي تبتسم ابتسامة بلهاء,,,, و ابتسمت هي أيضا ابتسامة استهزاء. تنتظر ساعة,,, أخيرا تسلمت راتبها,,
تذهب لتري صديقتها… وصديقة صديقتها..… تضحك معهم قليلا و تتمني لهم التوفيق و تتركهم.. تتجه الي السيارة و يفتحها السائق بالريموت كنترول,, ,,, يعطي السايس جنية مطبق و تسأله كم أعطيته؟ يضحك و يقول لم أعطه شئ كأنه يعطه من جيبه,, تتعجب ,, كل انسان داخله جزء يريد أن يظهر الكبرياء أو التكبر بمعني أصرح علي من هو أقل اقتصاديا!!
تتحرك السيارة ,,, يا الهي,, الجو خانق و الزجاج مقفل ... تتصل أختها تخبرها أن يمروا ليأخذوها المنزل معها..تكد كل هذا من أجل مرتب حقير لا يتساوي مع قدراتها العملية و العلمية تفتح زجاج السيارة علها تستنشق بعض الهواء النقي بعيدا عن أنفاس السائق الكريهة و امتزاجها برائحة الخزازة تتنشق هواء نقي... شبه نقي...الأتوبيس يتحرك بجانبها و ينظر الركاب الي لا شئ الغيوم تكثر و تخبئ الشمس ورائها... الطيور تحوم سابحة في السماء تسبح علي بعد قريب من الأرض تبشر بهطول الأمطار تري نبات متسلق علي مبني مبني بالطوب الأحمر و يصنع شكل غريب و خطوط متعرجة و كأنه أقسم ألا يترك المبني حتي يصل لقمته... نعم مخلوقات حية
اختفت الطيور... اغمقت السماء و نزلت قطرات الماء ما أجمل رائحة الماء ,,, تخرج رأسها فتبتعد عن رائحة أنفاس السائق أكثر و تذوق طعم القطرات ... تمحيها عن جلد البالطو..الناس في الأتوبيس واضعين رؤوسهم علي أيديهم,,, تهم بالابتسام فوجدت نفسها علي نفس الوضع فضحكت أختها الجميلة و شريكة غرفتها,,, تحبها جدا و تحب قلبها النقي الكبير و تدعو أن يكرمها الله في حياتها و اخراها تري مبني جديد يتم بنائه مبني فخم في مكان شعبي مزدحم... كفاكم زحام يا قوم..
لافتات كثيرة في كل مكان,, لافتة كتب عليها السوق العربية المشتركة و فوقها غرابين يتأهبا للقتال و بدأ القتال ليكون واحد فقط هو المالك و لا يتقاسما المكان,,, تري أسيكرمه و يدفنه؟َ! أم ان الغربان أيضا أصابها التغير؟؟ تتـأمل اللافتات,, لا تجد ما يلفت انتباهها...تنقشع السحب و تحاول الشمس أن تجد مكانها وسط الغيوم و الغيوم تمنعها قليلا ثم تتركها تحاول,,, ربما يوما ما ستجد لافتة تلفت انتباهها رائحة روث في الشارع و أمامها شجرة فل بعيدة تتمني أنفها أن تقفز من فوق رائحة الروث لتصل للفل... سائق تاكسي يلقي بقشر اليوسفي من الشباك... و اخر يوقف السيارة ليلقي أعقاب السجائر في الصفيحة السوداء بالرغم من وصول القمامة للقمة و خروجها من الصندوق.
تصل لمقر عمل أختها.. الشمس نجحت و سطعت من وسط سحب بيضاء و السماء بلونها المبهر,, تنجح للحظات لتزحف السحب حتي تخفيها و لكن أثر ظهورها مازال قائم,,, اختفت العصافير الحائمة القريبة من الأرض و سكنت أشجارها,,, تسمع زقزقتها لثاني مرة في حياتها,,, ما أجمل هذا الصوت و كأنه كلام السكون.. تسمع صوت ترانيم مختلط معه قران ...اين مدعي الفتنة؟؟!! أم انهم يسمعوا كل شئ انتقائيا ها قد أتت أختها,, الحانية الرقيقة و في يدها لوح زجاج للرسم,,, يركب السائق و معه رائحة أنفاسه أشد عنفا و عبقا بالجو,, يمروا بالبيت لكن سيذهبوا الي عامل الزجاج,,,تتنتظر بالسيارة و قد اشتد البرد حتي أصبح هو أيضا له رائحة ذكرتها برائحة الهواء و برودته علي شاطئ بحر اسكندريةستذهب المنزل أخيرا ,,, انها تري بيتها من بعيد صغير للغاية... تدخل بيتها و تلقي السلام,,, ما أفخم هذا المنزل و أدفئه....هذا هو كهفها... ليس عليها أن تسكن وحدها حتي تجد كهفها... يمكن أن تجد كهفها وسط أناس أحبتهم. Labels: يوم من أيامنا |
ياه الشتا رغم برودتة وخنقتة بسبب السقيع ده لكن دايما بيرتبط بنقاء وبشد للهدوء ليه معرفش
اسلوب رائع وجميل وتفاصيل مختلفة ونقاط مغزاها عميق
يوم في حياتي
بس عشان نستنشقرائحة قطرات الماء والشتاءلا زم ندوق البرد ونتجمد
انا عن نفسي من بعد ماسبت الشغل مابتحركش من تحت البطانية وطول النهار قدام الكومبيوتر وقدام التفزيون
مفيش حاجه بتيجي بالساهل
الدفاء يبقى نتحرم من عبق الشتاء
بس بجداحساس راقي وجميل جدا
وربنا يسترها